هل سمعت عن قصة الميت على قيد الحياة؟
حل الليل ليزورني الملل كعادته، ليبحر
عقلي في متاهاته ليتكلم معي على غير عادته، وليخبرني أنني تافه..
مل
مني كما قال، والعيش معي أصبح محال، كما قال.
رباه مـا هذا الكلام الذي اسمعه، أفهمتم
شيئا أم أنكم مثلي؟
من منكم يعيش هوس الخصام مع عقله؟
ما هذا الـلوم والعتاب الزائـف الذي لا
محل له من الصواب؟
أرأيتم يوما أو سمعتم عن إنسان مل عقله
منه؟
صدقوني إنها الحقيقة، لأني، أعيش هوس
الخصام مع ذاتي
تعب عقلي لأني أسأله يوميا عن حاله وعن
المغزى مــن وجوده؟
أعاتبه على حماقاته و معاناته وعن اعتقاده
و سعيه وعن ماضيه..
أليس هذا هو الهوس؟
إن قلتم نعم، يعني بذلك أنني ظالم لنفسي، وعقلي
له الحق في طلب الانسحاب، لم يجد عقلي تفسيرا لعتابي ولأسئلتي اللامتناهية، ولا
جوابا مقنعا، فقال لي غاضبا: تعبت من جسد بلا ميزان من نـوم دون راحة ومـن عمل بلا
أساس من حياة بلا مقياس ومـن وســاوس بـلا إدراك، ومن عيش بـلا واقعية من خط
أقلامي التي تـنزف حــزنا يسـكن ذاتي بـلا ميقات، من حماقاتي التي تتكلم بداخلـي
ومـن غياب الأنس والأنيس..
وهي الحقيقة التي يتكلم عنها عقلي وهي
الأحلام حين تغيب، والتفكير في زمن الصعوبات.
لكنها الحياة حين تتكلم وتقول لك: " إن
أحببتني ستتعب لا محالة"
هو الانسحاب وسأعلن انسحابي، حتى أجد حلا
وادفع ضريبة عتابه.
هي
لحظة الوقوف أمام الحقيقة، فإن انسحب العقل لا وجود للإنسان.
فجأة: اسمع صوتا من بعيد ينادي: "أنا
عقلك سأعود فلا تنسحب"
قلت ومن كان الذي يلومني؟
فقال: ذاك هو الغبن والتصديق، ذاك سجن
الفاشلين يا صاحبي.
قلت: أرجوك عد.
فقال لي: فراش الإنعاش، لا يستلقي عـليه سوى
المرضى الذين يعانون من فقدان الشهية في التفكير وفقدان العزيمة.
هيا غير فراشك واكتب مقالا أو خاطرة من خاطرك،
كي نتصالح.
فقلت: لرب كارثة عليك نكرانها، عارض
الجنون بالـعزم واستقم
دافع عن وجودك بكل ثقة، ودع هوامش الفشل
واسـتحم
إن أحببت النجاح تحدى، وانـزع الأشــواك
فــرحا وابتسم
فراش الإنعاش حمق بعينه فلا تتـمارض كــن
أنــت واحترم
ســلم أمــرك لله تربــح، إن الثــقة
ربــح أدرك ولا تنــفصم
كن واقعيا متماشيا معــه، وكـن محــاربا
في العلــم واحتــشم
تحـدى الصــعاب واصـــبر، وإن كــنت شهما
تحزم واستقم.
فرح عقلي وعاد لمكانه وأنا اليوم أتماشـى
مع الواقعية والإدراك.
غيرت فراشي ونمت مستريحا في هـدوء وسلمت
أمري لله وتنـفست الصعداء.
والمغزى من القصة:
هـو النـهوض مـن على فـراش الأسـى
بالتخـطيط والعزم، والتــــوكل على الله لا بالبكاء والتأفف، فالحياة تحديات ومن
صبر يجزى.
فلا عيش بلا توازن عقلي، ولا علم بلا سهر
وتعب، ولا ســـعادة بلا صبر، ولا خشوع بلا تدبر وإدراك، والدنيا هي الدنيا وقضـــــاء
الله هو الامتحان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق