كيف أتعامل مع الناس؟
لا تفرض شخصيتك بالتجبر، بل بالتي هي أحـسن،
بالـــعلم والتــربية الأخلاقية كان زميلي بالعمل مغرورا وله أســلوب متهور، يـــستهزئ
بالناس ولا يعير اهتماما لأحد وذات يــوم جلس بـــقرب مكتبي وجد كتابي وهج القصيد،
فرماه مستهزئا:
من أين لك هذا، فنحن نعرفك جيدا؟
فأجبته بكل تواضع وثقة: كــتاب كـــالكتب
فيه نصائح لكل مغرور وفيه قصائد لكل من سولت له نفسه التعالي.
في الحقيقة ليس تكبرا ولكن المغــرور المريض
إن وَجد فرصة للتعـــالي سـيتجبر وكان لزاما عليّ أن أنبهه كي يهذب تـصرفاته فخرج
وتغـير وجهه غاضبا..
بعد نهاية الدوام وجدته جالـسا في المــقهى
فطــلبت الإذن بــالجلوس وعبرت عن أسفي لما بدر مني آنفا وقلت: لماذا تأثرت وغضبت؟
فقال: كنت تقصدني بكلامك فقلت: هل أنـت
مغرور ومتكبر؟
قال: لا قلت: ولماذا الغضب إذن؟
إن صدق العقل، الكلام وحركه الشعور يعني بذلك
أنك مـلزم بإعادة النظر في أفعـالك، وإن لم يصـــدقه الـــعقل وجب الرد بكل ثقة
ومن منـطق الــعلم وجب تعلم فنون الرد كي تكون الشخصية راقية، فقال لي: ينعتونني
بالمغرور.
فقلت: بلى معاملتك ســبب نعتك، ولابـــد عــلى
الإنسان أن يراقب تصرفاته ولا يؤذ أحدا لأنه وان كان المرء كثير الصمت، فنـظراته
تعد تعبيرا، وأخبرته بأن ســر شخصية الإنسان ليس في المـال ولا الجـاه بل في
المعاملة الحسنة.
والأجدر بك أن تواجه المغرور بصفاته
وبـطريقة غـير تــعنيفية فبــاب النصح يستوجب أسلوبا لينا، ونصحا خلقيا يريــح القلب
ولا تـــكن قاسيا في معامـلاتك وضع بصمتك بالمنطق لا بالكلام القبيح.
لنغير من تصرفاتنا كي يحبنا الـجميع فــقد يعــلو منصبك وتُرقى لكن تذكر أن هــناك من هو أعـــلى
منك درجة، والـــدرجة الـــعالية هي الأخلاق والأدب.
ولا تستهزئ في أي حالة من الأحوال وبأي صـفة من الصـــفات ولو بابتسامة
سامة من داخلها رياء، فالكل مغلوب عــلى أمره والأمر أمـر الله عز وجل فلا تدرِ ما
يـــعانيه ذاك الـــشخص الذي تضحك عليــه وتستهزئ به، فربما كان مسحورا معاقبا أو مجنونا
فالــــــشماتة مرض خطير تعاقب عليه والله يمهل ولا يهمل ولا تحقرن ولو بعـينك لأن
الله هو الصانع.
لي قصة قصيرة جدا لربما أخدنا منها العبرة، صديقي اتهم زورا ودخل السجن لمدة عام تقريبا
وتَلقى في سجنه عذاب نفسي قــوي، فــــهذا ابتلاء من الله عز وجل وعـند
انتهاء المـدة القانونيــة ومـن المعروف أن زيارة المسجون تخفف عنه فقال لـه أحد
من الزوار:
"لابد أن تتعلم الدرس جيدا لأنك فتى طائش والعقاب سيربيك"
هي كلمة ولكن تجرح المغلوب على أمره وما هـي إلا ستة أشهر حتى
انقلبـت الموازين وسـجن ذاك الشخص وبنفس المدة، إذن احذر مــن الشماتة ومن دعاء
المظلوم" حسبي الله ونعم الوكيل" ومن وَكَّل أمــره
لله لن يخيب ومن سامح فأجره عند الله.
مرافقة البسطاء في جلسات تحسيسية بتواضع
وبســــلوك راق يجــعـل العقل مرتاح فلا تجعل البسيط يحس بضعفه بل رافقه بكــــل هــــدوء
واجعله ينضج ويكون قويا من خلال محادثتك له، وأخبره بأنه يستطيع وأنه لا يخـتلف عن
غيره من الناس فقط يجب عليه أن يتعلم، فكم من بسيط أصبح صاحب جاه وكم من إنسان ترك
مقاعد الدراسة، وحين جالس الحكماء تعقل ونجح.
العيب
ليس فيمن لا مستوى له بل العيب في المغرور والمتجبر والمترفع.
الحياة حكمة الله، ولله في خلقه شـؤون وهـي
الامتحان بكل معنى الكلمة لذلك وجب الحرص كي لا نصاب بمرض الحـيرة وإن حجـبنا
الرؤيـا على أنفسنا، ولم نحـارب الشهوات والملذات سنسقط حــــتما فـي الامـتحان
أسأل الله لي ولكم الرحمة والمــغفرة.
البر والإحسان بنفسك أولا ولغيرك ثانيــا
مــع الوقــوف صـــدقا أمام معرفة الحقيقة المشروعة التي قـدرها الله لنا بمعــرفة
القضاء والقدر خيره وشره، والإدراك أن ديننا دين يسر.
-تسلى في حـدود التـسـليـة وتعلم، وليكن
علمك من أجل التنمية.
تَنعَم من نعَم الله واشـكره وكن على يقين
أنها دار فانية.
كن
عاقلا لأن الله خلقك كما يريد لحكمة وكن كما أمرك يعطيك ما تريد ولابد أن ندعوه في
كل وقت وحين وألا ندع الأسى ينزع منا الأمل فتخطف منا السعادة.
السعادة في
القرآن وردت في سورة هود وفي موضعين:
قال تعالى:
يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ(105)
وقال أيضا "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا
فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا
مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ".(108)
لندرك أن السعادة
مكانها الجنة، وأن الدنيا متاع الغرور.
لندرك أننا في
امتحان ولنحرص في طاعة الله كي يعطينا ما نتمناه.
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ :
إحساسك بالخوف هو امتــحان، وحين تـصاب بـرعشة خــــوف في جسمك فالنفـس
هــنا تنــازع أمـرين إما الإدراك وإما الـوســوسة الـجنونية التي يـسلط بها
الشيطان على ابن آدم ولابد أن نعـود إلى ما تطرقنا إليه سابقا، وهو العلم فإن كان
أحدنا ضعيفا في علومه الربانـية فقد يموت مع الخوف والتذمر وبالتالي هلاك وكل هذا
سـببه ضعــف في الإيمان والنتيجة ضياع وسقوط لا محالة.
وقد يموت صـديقك أو أخاك أو أحد أقاربك في
مقتبل العمر، فالموت كذلك ابتلاء وامتحان وهذه قصتي:
في سنة 2008 كـنت أدرس بالجامعة تخـصص
علوم قانونية وإدارية وكان أصدقائي يومها في السنة الرابعة، اتفقوا على أن يســـــافروا
إلى مدينة" بومرداس من أجل المشاركة في الامـتحان النفسي والــــرياضي
للدخـول إلى صفوف الدرك الوطني وقد عزمت على أن أسافر معهــم وكان الكـل فـي حمـاس
كبير لكن بالنسبة لي غيرت رأيي، واعتذرت لظروف خاصة.
وما هي إلا أيام حتى سمعت بالفاجعة، أن
زملائي قد ماتوا في انفـجار أمام المدرسة فكان الخبر قاسيا جــــدا ولم أصــــدق
الخــــبر لصعوبة الاستيعاب لأنهم بالأمس كانوا معي ورحلوا في عز الشباب، لكـــــن
يبقى أمر الله ولابد من الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره، ولم أنسى صديقي رمزي
المرحوم الذي قال:" لازلت صغيرا والدنيا ستبتسم لي"
أردت أن استخلص لكم مـن قصتي أن موت
أصدقــائي كان امـتحانا كيف لا وصديقي الذي كان معي بالأمـس رحـل دون رجعة؟
إذن لابد من مراجعة النفس والوقوف أمام الحقيقة
المشروعة أننا كلنا سنرحل يوما ما عن الوجود، والغرض من القصة هو الـتفكير بدار
الآخرة والسعي في الدنيا بقلب خاشع، لا الوقوف والتفكير في الموت فقط.
لا تنس أمرك مع الله وحارب الدنـيا بعلمك
وأخـلاقك وبيـــقينك أن عبادة الله هي الفلاح.
قاوم أخي وأدرك أن الدنيا فانية، والآخرة
هي المستقر واختر طريقا صحيحا وقوي صلتك مع الخالق.
قال تعالى:
"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ
وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ"﴿ البقرة﴾١٥٥
يعني موت صديقك، هو فرصة لك لتعويض ما
فاتك من اللهو وإتباع الشهوات وأما ملذات الهوى هـي ابتـلاء لنا.
فاللهم لك الحـمد كما ينـبغي لجلالك
وعـظـيم سلطانـك، وكما جاء في آخر الآية إلا من كان صابرا فاللهم اجعلنا من
الصابرين.
روى الترمذي (2398) وصححه، وابن ماجة
(4023) عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:" قُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ:
(الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ،
فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَـانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ
بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ
فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا
عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ)
وصححه الألباني في "صحيح الترمذي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق